هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في قرار مثير للجدل، ضربت مصر عرض الحائط بالمطالبات الإيطالية وبدعوات الاتحاد الأوروبي حول قضية الإيطالي، جوليو ريجيني، بعد أن أسدل النائب العام المصري الستار عن القضية معلنا استبعاده اتهام ضباط مصريين بقتل الباحث الإيطالي.
النائب العام المصري، وفي بيان الأربعاء، أكد أنه لا وجه لإقامة دعوى جنائية في جريمة خطف وتعذيب وقتل ريجيني، معلنا استبعاده الاتهامات الموجهة لأربعة ضباط بالأمن الوطني.
وقال إن التعذيب الذي ظهر على جثة ريجيني بسبب سرقته بالإكراه، موضحا أن جميع اللصوص الذين سرقوه ماتوا فلا وجه لإقامة دعوى فيها هي الأخرى.
وردا على نتائج تحقيقات النيابة الإيطالية، قالت النيابة المصرية، إن ما طرحته سلطة التحقيق الإيطالية من شبهات جاء نتيجة استنتاجات خاطئة لا يقبلها المنطق ولا توافق القواعد القانونية الجنائية المستقر عليها دوليا ومبادئ القانون الأساسية.
وأوضحت أن من تلك الشبهات استنتاج سلطة التحقيق الإيطالية تورط بعض المشتبه بهم في قتل المجني عليه "من مجرد تحريهم عنه عقب البلاغ الذي قدم ضده تشككا في سلوكه المريب، وأن سلوك المجني عليه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه كان سببا كافيا يوجب على الأجهزة الأمنية لمتابعته".
اقرأ أيضا: مصر تغلق ملف ريجيني وتستبعد اتهام ضباطها
ملف قتل ريجيني، الذي لقي حتفه في القاهرة مساء 25 كانون الثاني/ يناير 2016، وأثار الغضب في الشارع الإيطالي على مدار 4 سنوات؛ خلصت فيه النيابة الإيطالية في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، إلى اتهام 4 ضباط مصريين بالتورط في توقيف ريجيني وتعذيبه وقتله، وطالبت القاهرة بتسليمهم لمحاكمتهم بروما.
القضية لفتت الرأي العام الأوروبي والعالمي لجرائم نظام السيسي الحقوقية بحق المصريين أيضا، ما دفع الاتحاد الأوروبي لإصدار بيان هدد فيه بتفعيل آلية العقوبات ضد النظام المصري لانتهاكاته حقوق الإنسان.
رد القاهرة، جاء في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2020، حيث طالب الإنتربول المصري، روما، بتسليم القنصل الفخري السابق لها بالأقصر لاديسلاف أوتكر سكاكال، والملحق الدبلوماسي بسفارتها بالقاهرة ماسيميليانو سبونزيللي، المتهمين بتهريب 22 ألف قطعة أثرية مصرية منتصف 2018.
وزارة الخارجية الإيطالية، من جانبها وصفت موقف النيابة المصرية بـ"غير المقبول"، ووفقا لبيان نقلته وكالة رويترز، أعربت عن ثقتها بعمل القضاء الإيطالي، معلنة أن روما "ستواصل العمل بجميع المنتديات، وبينها الاتحاد الأوروبي، لتظهر حقيقة القتل الوحشي لريجيني".
صحيفة "الغارديان" توقعت اندلاع توترات جديدة بالقضية مع محاكمة روما للمسؤولين الأمنيين الأربعة، وهم اللواء طارق صابر، والعقيد آسر إبراهيم، والرائد مجدي إبراهيم، والنقيب هشام حلمي، ربيع عام 2021، غيابيا، فيما نقلت عن كبيرة المدعين، ميشيل برستيبينو، قولها إن "عدم استجابة السلطات المصرية لطلباتنا أعاق تحقيقنا".
"القانون الجنائي مع مصر"
وفي تعليقه على قرار النيابة المصرية، قال الدكتور نبيل مدحت سالم أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق في جامعة عين شمس: "مبدئيا وحسب القواعد العامة للقانون الجنائي المصري والجنائي الدولي فإن الواقعة حدثت على أرض مصرية".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "ولذلك فإن الاختصاص هنا نهائي وبلا جدال للنيابة المصرية، وأنه ليس للنيابة الإيطالية في روما ولا غيرها من النيابات أي دور في القضية، التي يجعلها القانون الجنائي المصري والدولي أيضا اختصاصا مصري لا منازع لها فيه".
وحول ما قد تصدره روما من أحكام قضائية بحق من ذكرت أسماءهم في لائحة اتهامها من الضباط المصريين، جزم أستاذ القانون الجنائي المصري بأن "أية قرارات أو أحكام تصدر من نيابة أو قضاء إيطاليا لا تلزم مصر في شيء".
وأوضح أنه إن "كان لدى روما شكوى فليس أمامها سوى المحكمة الجنائية الدولية والتي تختص بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية"، معتقدا أن "قضية ريجيني ليس لها أساس يجعل الجنائية الدولية تقبلها".
اقرأ أيضا: هل تنجح مساومة القاهرة لروما بـ"الآثار" مقابل ملف "ريجيني"؟
وألمح إلى أن "أية تهديدات بعقوبات بحق مصر من الاتحاد الأوروبي حول هذا الأمر هو أمر مردود عليه؛ فمصر دولة ليست صغيرة ولا يجوز لأحد أن يتعامل معها من منطق السيادة".
"من هنا جاء الرفض"
من جانبه، قال المحامي والبرلماني المصري السابق ممدوح إسماعيل، إن "نظام السيسي يعتمد في تعامله مع المجتمع الدولي على ثلاثي يدعمونه، هم إسرائيل وأمريكا والإمارات، وهم الذين يعطونه قوة فى ملف حقوق الإنسان خاصة، ولهذا لا يبالي بأية انتقادات حوله".
عضو مجلس الشعب المصري الأسبق أكد في حديثه لـ"عربي21" أن "تعامل السيسي مع إيطاليا في ملف رجيني يعتمد على أساس عدة نقاط، أولها: الشق القانوني".
وأضاف: "حيث إن الجريمة وقعت في مصر، والمتهمون مصريون متواجدون بأرض مصرية، وطبقا لإقليمية القوانين فتتم المحاكمة في مصر؛ بل وتعتبر محاكمة المتهمين في إيطاليا غيابيا، حيث لا تنفيذ لها ما يجعل دورها يقتصر على التشهير بنظام السيسي".
السياسي المصري، قال إن "النقطة الثانية: هي أن نظام السيسي، لديه ورقة تشهير خاصة بالمتهمين الإيطاليين كما يدعي في قضية تهريب الآثار من مصر إلى ميناء ساليرنو الإيطالي عبر حاوية دبلوماسية إيطالية".
وأشار إلى أن "النقطة الثالثة والأهم هي أن السيسي، يعلم حاجة إيطاليا للبترول الليبي؛ ونظام السيسي مع الإمارات قابضون على جزء مهم جدا منه، حيث إن خليفة حفتر، ومن تبعه لهم سيطرة على جزء كبير من النفط الليبي".
واعتبر المحامي والبرلماني المصري السابق أن "ورقة النفط الليبي هي الورقة التي يتم اللعب بها سرا في الحجرات المظلمة بين كل الأطراف".
وفي نهاية حديثه يعتقد إسماعيل، أن "إيطاليا ستمضي في محاكمة المتهمين بقتل رجيني، حيث إنها أصبحت قضية سياسية عامة لا يمكن التراجع عنها، وستحكم فيها وتستخدمها كورقة ضغط في التفاوض مع نظام السيسي؛ هكذا السياسة".