توقع حقوقيون وسياسيون
مصريون استمرار التضييق على منظمات المجتمع المدني رغم إعلان الحكومة المصرية، بعد
تأخر دام 9 أشهر، إصدار اللائحة التنفيذية لقانون العمل الأهلي.
وأكدوا في تصريحات
لـ"عربي21"، أن مجمل القانون يحقق للدولة سيطرة مباشرة على عمل منظمات
المجتمع المدني، ولا يتوقع أن تأتي لائحته بجديد سوى تفصيل تلك السيطرة؛ لأن مواد
القانون تتعارض مع المبادئ العامة الدولية لحق الأفراد في التكوين والانضمام إلى
منظمات المجتمع المدني.
لكن الحكومة المصرية
وصفت، في بيان الخميس، اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم
149 لسنة 2019 بأنه "نقلة نوعية في تاريخ العمل الأهلي في مصر".
وأضاف البيان أنه "خلافاً للقانون السابق الذي تم إلغاؤه (رقم 70 لسنة 2017)، بعد سلسلة من
الانتقادات الدولية والمحلية، أزال القانون الجديد ولائحته التنفيذية كافة العقبات
أمام العمل الأهلي"، بحسب وصف الحكومة.
وعلى الرغم من صدور
اللائحة، فقد أدان خبراء حقوقيون بالأمم المتحدة، الجمعة، ما اعتبروه اعتقالات
انتقامية ضد نشطاء حقوقيين في مصر، مطالبين السلطات بالإفراج الفوري وغير المشروط
عنهم، في إشارة إلى اعتقال وحبس قيادات بارزة بمنظمة المبادرة المصرية للحقوق
الشخصية.
وكانت المفوضية العليا
لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ألغت في أيلول/ سبتمبر 2019، المؤتمر الذي
كان مقرراً عقده في مصر على مدار يومين حول مكافحة التعذيب، إثر انتقادات وجهتها
منظمات وشخصيات وجماعات حقوقية لمكان انعقاد المؤتمر.
انتقادات داخلية
وكان وزير التضامن
الاجتماعي الأسبق، أحمد البرعي، انتقد القانون إبان تصديق البرلمان المصري عليه في
تموز/ يوليو 2019، لعدة أسباب من بينها استبدال "موظفين" بـ"الأجهزة الأمنية" في السيطرة على العمل الأهلي.
ودلل البرعي، في
تصريحات صحفية، بأن القاعدة العامة تنص على "عدم جواز حل الجمعية أو عزل مجلس
إدارتها إلا بحكم قضائي".
وفي مقابل تلك القاعدة
تضمّن مشروع القانون الحالي منح وزير التضامن سلطة وقف نشاط الجمعية لمدة عام
كامل، ما يعني واقعيًا بحسب البرعي "إنهاء عمل الجمعية مدى الحياة".
واستحدث القانون في
الباب السادس منه ما يسمى "الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي والوحدات
الفرعية التابعة لها" وذلك عوضًا عن "الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات
الأجنبية غير الحكومية"، والذي ضم في عضويته ممثلين للمخابرات ووزارتي الدفاع
والداخلية.
صنع مخابراتي
واعتبر وكيل لجنة حقوق
الإنسان في مجلس الشورى سابقا، عز الكومي، أن "القانون ولائحته في المجمل تمت
صياغتهما بعقلية وثقافة أمنية قائمة على الانتقام من العمل الحقوقي، ويضاف إلى
ترسانة القوانين المشبوهة مثل قانون منع التظاهر وقوانين الكيانات
الإرهابية".
وتساءل في حديثه
لـ"عربي21": "ماذا تجدي القوانين في ظل الدولة البوليسية، ويبقى الدستور
والقانون في ظل الدول
القمعية الاستبدادية مجرد حبر على ورق؟"، مشيرا إلى أن
"هذا القانون الذي تولى الإشراف على تعديله جهاز المخابرات العامة لن يكون
انفراجة بحال من الأحوال ولكنه يكرس سلطة الدولة في تقليص العمل الأهلي والتضييق
عليه".
وبشأن جواز سحب ترخيص
الجمعيات والمنظمات لأسباب فضفاضة، أكد الكومي أن "القانون يزخر بالصياغات
العامة والفضفاضة دون تحديد ماهية هذه الألفاظ بدقة مثل "الإخلال بالنظام
العام، والأمن القومي، والآداب العامة، كما أنه أعطى سلطة مطلقة لجهة الإدارة في حل
وإغلاق المنظمات الأهلية بزعم مخالفة القانون".
القمع أساس الحكم
وشكك السياسي والحقوقي
المصري، عمرو عبد الهادي، في قدرة اللائحة الجديدة على تسهيل العمل المدني والأهلي
في مصر، قائلا: "اللائحة لن تسهم إلا في تقنين قمع عمل الجمعيات
الأهلية".
وأضاف في حديثه
لـ"عربي21": "هناك فارق كبير بين الرغبة والقدرة فالسيسي لا يملك
الرغبة في تحسين الأوضاع ولا يملك القدرة على تحسينها نظرا لأن نظامه يعتمد على
القمع لاستقراره".
ورأى عبد الهادي، أن
"الحديث عن حريات أو منظمات مجتمع مدني هو نوع من أنواع الانتحار السياسي
والاجتماعي، وأي إيجابيات في القانون هي لمخاطبة الغرب بها وليس تلطبيقها في
الداخل"، مؤكدا أن "هناك قوانين كثيرة ضرب السيسي بها عرض الحائط، يضاف
إلى ذلك أنه لا يلبي مطالب المنظمات المدنية".