هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت عدة تقارير الضوء على تاريخ مرشحي الرئيس الأمريكي
المنتخب، جو بايدن، لتولي أهم المناصب في منظومة "الأمن القومي"، وعلى
رأسها وزارة الخارجية ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي ووزير الدفاع.
وأشار تقرير نشره موقع مجلة "جاكوبين" إلى أن عاملا
مشتركا يجمع العديد من المرشحين لتولي المناصب العليا المتعلقة بالأمن القومي في
الإدارة المقبلة، وهو العمل مع شركات دفاعية أو مؤسسات يمولها مجتمع السلاح
الأمريكي، وهو ما يثير قلق التقدميين في الحزب الديمقراطي.
واعتبر التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن ذلك
يأتي في إطار "نهج بايدن في دعم الإمبريالية الأمريكية"، لا الاكتفاء
بمجاراتها، بحسبه.
والأحد، أفادت وكالة "بلومبرغ" بأن بايدن
اختار مساعده الوثيق، توني بلينكن، للعمل كوزير للخارجية، و"جيك سوليفان"،
كبير مستشاريه ومساعد هيلاري كلينتون السابق، مستشارا للأمن القومي، فيما تعتبر "ميشيل
فلورنوي"، المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع في عهد باراك أوباما، المرشحة المفضلة لشغل
منصب وزيرة الدفاع.
ولاحقا، أعلن بايدن بالفعل ترشيح بلينكن وسوليفان
للمنصبين، فيما لم يفصح عن مرشحه لتولي وزارة الدفاع.
— Biden-Harris Presidential Transition (@Transition46) November 23, 2020
اقرأ أيضا: هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب في القضية الفلسطينية؟
وبعد فوز دونالد ترامب بانتخابات 2016، وانتهاء عهد أوباما،
أسس بلينكين وفلورنوي شركة "WestExec Advisors"،
للاستشارات السرية، كما عملت الأخيرة، وسوليفان أيضا، مع مراكز أبحاث تنفق عليها
شركات دفاعية، ووكالات الاستخبارات والدفاع التابعة للحكومة الأمريكية.
وخلال الأسبوع الماضي، انضم اثنان من أعضاء مجلس إدارة
شركة "رايثيون"، وهي من أكبر منتجي الأسلحة في العالم، إلى مجموعة صغيرة
لإطلاع بايدن ونائبته كامالا هاريس على قضايا الأمن القومي، فيما عمل أحد أعضاء
مجلس إدارة "رايثيون"، وهو "روبرت وورك"، في شركة بلينكن
وفلورنوي، بحسب تقرير لموقع "بوبيولار إنفورميشن".
ولفت تقرير "جاكوبين" إلى أن بايدن تلقى دعوات
من مشرعين ديمقراطيين ومجموعات تقدمية لإغلاق "الباب الخلفي" بين
الحكومة وصناعة الدفاع، مشيرا في هذا السياق إلى تقارير سابقة تحدثت عن جلب نحو
ثلث أعضاء الفريق الانتقالي الخاص بوزارة الدفاع من "منظمات أو مراكز أبحاث
أو شركات تتلقى أموالا بشكل مباشر من قطاع صناعة الأسلحة، أو تشكل جزءا من ذلك
القطاع".
ويفسر ذلك، بحسب "جاكوبين"، تفاخر المسؤولين
التنفيذيين في وزارة الدفاع بعلاقتهم الوثيقة مع بايدن، وإعرابهم عن ثقتهم بأنه لن
يحدث تغييرا كبيرا في سياسة البنتاغون، رغم أن قطاعا كبيرا ممن صوتوا لصالح بايدن
هم من اليساريين المناهضين للإنفاق على السلاح والحروب.
أما "أفريل هينز"، التي اختارها بايدن لتولي
إدارة الاستخبارات الوطنية، فقد كانت مستشارة لشركة "WestExec" التي أسسها بلينكن وفلورنوي. وتوقعت مواقع محسوبة على
التقدميين، مسبقا، أن يقوم الرئيس المنتخب بمنحها منصبا أمنيا رفيعا في إدارته.
وشغلت "هينز" منصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في عهد أوباما، وكان لها إسهام كبير في برنامج الطائرات بدون طيار، التي اشتهرت بتطويره تلك الإدارة.
اقرأ أيضا: أوباما يعود للمشهد السياسي.. هذه بصماته بانسحاب ساندرز
تعاون مع شركات عسكرية إسرائيلية
وبينما أبقت WestExec على عملائها طي الكتمان، فقد ذكر موقع "بروسبكت" أن الشركة عملت مع
مقاولين دفاعيين، بما في ذلك شركة "ويندوارد"الإسرائيلية للتكنولوجيا العسكرية.
ولا يقف الأمر عند ذلك الحد في اتساع وتوثّق العلاقات
بين فريق بايدن وشركات السلاح، فقد خدم فلورنوي أيضا في مجلس إدارة شركة المقاولات
الدفاعية "بوز ألن هاملتون"، بحسب تقرير "جاكوبين".
ووجد تقرير لـ"مركز السياسة الدولية"، الشهر
الماضي، أن المتعاقدين الدفاعيين ووكالات الأمن القومي والدفاع التابعة للحكومة
الأمريكية ساهموا بأكثر من مليار دولار كتمويل لـ50 من أكثر المؤسسات البحثية
تأثيرا في البلاد على مدى السنوات الخمس الماضية، وعمل كل من فلورنوي وسوليفان
مؤخرا مع مؤسسات الفكر والرأي المذكورة في التقرير.
وكانت فلورنوي أحد مؤسسي مركز الأمن الأمريكي الجديد (CNAS) ويعمل حاليا في مجلس إدارته، كما أنها ترأسته في
مرحلة سابقة.
وتلقى المركز نحو تسعة ملايين دولار من الحكومة
الأمريكية والمتعاقدين الدفاعيين، وهو ثاني أكبر مبلغ حازته أي مؤسسة أخرى بين
عامي 2014 و2019، وفقا لمركز السياسة الدولية.
وأفاد تقرير المركز بأنه "ربما لم يكن من قبيل
الصدفة أن مؤسسة CNAS كانت تدعم علنا أكبر نظام أسلحة لشركة نورثروب غرومان، القاذفة الشبح B21".
وتأتي هذه التقارير بعد 12 عاما من فوز أوباما لأول مرة
برئاسة الولايات المتحدة، متعهدا بإنهاء الحروب وتخصيص المزيد من الأموال لصالح
الصحة والتعليم والبيئة وغيرها، وهو ما ساهم في تعزيز حظوظه في الفوز.
وتبنى الجمهوري دونالد ترامب الوعد ذاته، في مؤشر واضح
على رغبة الأمريكيين من اليسار واليمين في إنهاء الحروب وتخفيف الإنفاق الدفاعي، على
اختلاف دوافعهم.
اقرأ أيضا: مراقبون لـ"عربي21": هذا أهم معطى من نتائج انتخابات أمريكا
وكان موقع مجلة "ذا ناشيونال إنترست" قد
نشر تقريرا، قبل الانتخابات، ترجمته "عربي21" في وقت سابق، يلقي الضوء
على تصدر "إنهاء الحروب" قائمة مطالب الأمريكيين من أي شخص يتقدم لتولي
قيادة البلاد، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة كانت، ولا تزال، لاعبا عسكريا نشطا
في جميع أنحاء العالم منذ نهاية الحرب الباردة.
وأضافت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، أن الولايات المتحدة خاضت حروبا دموية ومكلفة في العراق وأفغانستان
بينما قامت أيضا بعمليات عسكرية كبيرة في البلقان وليبيا وسوريا ومناطق ساخنة أخرى
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار العقود الماضية.
ويشير انتخاب الجمهوري ترامب، والدعم الكبير الذي
حصل عليه التقدميان، بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، في الانتخابات التمهيدية للحزب
الديمقراطي، إلى أن الأمريكيين قد سئموا من هذا العبء الثقيل، بحسب المجلة، إذ إن
الثلاثة كانوا قد ركزوا في حملاتهم الانتخابية على الدعوة إلى تفكير جديد حول دور
أمريكا في العالم.
وفي استطلاع أجراه موقع
"يوغوف" آنذاك، أعرب عدد كبير (37 بالمئة) من الأمريكيين عن رغبتهم في رؤية
إنفاق البنتاغون ينخفض، فيما يريد حوالي 28 بالمئة الاحتفاظ به كما هو، و13 بالمئة
فقط يريدون زيادة الإنفاق.
وعندما تم تذكير المستطلعة
آراؤهم بأن الدين القومي يزيد على 23 تريليون دولار وسيتجاوز الـ25 تريليون دولار هذا
العام، أعرب 49 بالمئة منهم عن رغبتهم في خفض إنفاق البنتاغون، بينما أراد ثمانية
بالمئة فقط رؤيته يزداد.
وفضلا عن ذلك، فإن توجها من
إدارة بايدن إلى علاقة قوية مع مجتمع التسلح والدفاع، بما يترتب على ذلك من تبني
سياسات خارجية خشنة وزيادة في الإنفاق العسكري، قد يشكل صدمة للتقدميين في الحزب
الديمقراطي، الذين ساهموا بقوة في إيصاله إلى البيت الأبيض، متناسين الخلافات
الداخلية من أجل تحقيق هدف الإطاحة بـ"اليميني ترامب".