هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدى
هطول الأمطار الغزيرة على العاصمة المصرية القاهرة ومدينة الإسكندرية الساحلية إلى
غرق الطرق والشوارع، وانهيار عقارات خاصة في الأحياء الشعبية.
وتسببت
موجة من الطقس السيئ بانهيار عقارين بمحافظة الإسكندرية، ما أسفر عن مصرع 6 أشخاص على
الأقل، وإصابة آخرين، وتضرر منازل أخرى، وتشريد العديد من العائلات.
وكشف
موسم الأمطار، الذي لم يبلغ ذروته بعد، عن مدى تدهور البنى التحتية، وعجزها عن تحمل
كميات متوسطة من المياه، رغم إنفاق مئات مليارات الجنيهات من أجل إصلاحها، ورفع مستواها
وترميمها، وفق تصريحات مسؤولين مصريين.
وفي
الوقت الذي تولي فيه السلطات المصرية أولوية قصوى للعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة،
والمدن الجديدة، باستثمارات ضخمة، تتجاوز عشرات مليارات الدولارات، ولم يسكنها أحد
بعد، يعيش نحو 100 مليون مواطن تحت سطوة الطقس السيئ.
أين
تريليونات البنى التحتية؟
وقبل نحو عام، وتحديدا في 23 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، كشف رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، أن بلاده أنفقت ما يقرب من 4 تريليونات جنيه (نحو 250 مليار دولار) على البنية
التحتية خلال السنوات الأربع الماضية.
اقرأ أيضا: مصرع 4 بالإسكندرية وتحذير من طقس سيئ بمصر
وأضاف
السيسي، خلال كلمته بمؤتمر "أفريقيا 2019": "كتير من الناس مش مستوعبة
ده، بتكلم على مصر اللي كان فيها بنية قبل كده صرفنا عليها حوالي 250 مليار دولار، زملاؤنا الموجودين دلوقتي من المستثمرين والبنوك عايزين
يعملوا استثمارات في البنية التحتية تبقوا مستعدين تعملوها دون خوف".
وفي
تموز/ يوليو الماضي، أعلنت الحكومة المصرية الانتهاء من 14,762 مشروعا منذ تولي السيسي
الحكم بتكلفة 2207.3 مليار جنيه، (141 مليار دولار)، كما يتم تنفيذ نحو 4164 مشروعا بتكلفة تقديرية تبلغ 2569.8 مليار جنيه (164 مليار دولار).
جاء
ذلك في مجلد أصدره مجلس الوزراء، يوثق ما تم إنجازه منذ تولي السيسي رئاسة البلاد، تحت
عنوان حصاد 6 سنوات (حزيران/ يونيو 2014- حزيران/ يونيو 2020).
الواقع
يفند الإنجازات
في
المقابل، لم تستطع هذه "الإنجازات الكبيرة المعلنة" من الصمود أمام موجة
قصيرة نسبيا من الطقس السيئ، ما أثار تساؤلات حول حقيقتها، وماهية الخلل الكامن
وراء ذلك.
وانتشرت
صور ومقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر مدى الضرر البالغ للشوارع والطرقات
في العديد من المدن المصرية جراء هطول الأمطار.
— أحمد البقري (@AhmedElbaqry) November 20, 2020
"سياسة المسكنات"
اعتبر
المحافظ المصري السابق، المهندس أسامة إبراهيم سليمان، أن "العمود الفقري لمشاكل
مصر منذ سبعة عقود هو أن العقلية العسكرية التي تحكم مصر لا تفكر إلا تحت قدميها للبقاء
في كرسي الحكم، وبالتالي فالسيسي يبحث عن إنجازات سريعة على حساب الجودة"، مشيرا
إلى "غياب الخطط الحكومية من أجل إحلال وتجديد الخطوط والشبكات المتهالكة تحت
الأرض، واستشراء الفساد في تلك المشروعات، إضافة لفساد المحليات".
اقرأ أيضا: سيدة فقيرة تحت المطر تشعل مواقع التواصل في مصر (صورة)
وأكد
محافظ البحيرة سابقا، شمال الدلتا، في تصريحات لـ"عربي21"، أن "أزمة
تهالك الشبكات لها تداعيات أخطر من غرق الطرق، هي اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي،
واختلاطها بالتالي بالمياه الجوفية، وهو أكبر خطر على حياة المصريين، وأغلب قرى محافظات
مصر محرومة من الصرف الصحي، ومشاكل مصر مع مياه الأمطار والصرف وغياب التخطيط السليم،
واكتظاظ السكان في مساحات صغيرة تشكل ضغوطا على البنى التحتية القديمة".
وانتقد
"انصباب اهتمام النظام الحالي على العاصمة الإدارية والمدن الجديدة"، لافتا
إلى أنه "لو كانت هناك نية للتغيير لقامت الدولة بترجمة النوايا إلى أرقام في
الموازنة العامة، فيما ينفق على البنى التحتية؛ لأن ما ينفق ليس هبة أو منحة، إنما هي
مخصصات بالموازنة العامة من جيوب المواطنين، فهم يدفعون رسوم صرف صحي ومياه شرب وضرائب
على الداخل وعلى المنتجات، لكن الموازنة مثقلة بالديون، ولن تستطيع توفير المال اللازم؛ لذلك يلجأ للترميم والمسكنات والتجميل الشكلي".
اختلال
أولويات النظام
وألقى
عضو لجنة النقل والمواصلات في البرلمان المصري السابق، المهندس محمد فرج، باللوم على
النظام المصري الحاكم في استمرار تدهور البنية التحتية.
وقال في حديثه لـ"عربي21": "توالي
الأحداث يثبت أن المواطن المصري ليس ضمن أولويات الدولة مطلقا، وما نراه من تهالك للبنى
التحتية يفند مزاعم النظام بشأن تطويرها خلال السنوات الماضية. ما يجري هو عدم استشعار
لأمانة المسؤولية، وعدم القيام بحقها".
ووصف
ما يجري بأنه "تضحية بالمواطن المصري، فهو نفسه المواطن الذي يتضرر كل عام من
هطول الأمطار في نفس المكان، دون الالتفات لمعاناته التي تتكرر، ما يؤكد أن الحكومات
غير جادة في تحسين مستوى معيشة المواطنين".
ولفت
إلى أن "ما ينفقه رئيس النظام من مئات مليارات الجنيهات على الطرق والمحاور والجسور
والمدن الجديدة، ألا يستدعي منه النظر بعين المسؤول إلى 100 مليون مواطن في المدن والقرى
والنجوع، إذا لم تتحسن أحوالهم، فما جدوى هذا الإنفاق؟".