هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شاهدت حلقات برنامج "رحلتي إلى الإسلام" التي تبثّها فضائية الحوار كلها، واستمتعتُ بها جميعاً. وأظن أن رحلة فاطمة بليك كانت أمتعها، وقد يكون السبب هو أنها الأخيرة مشاهدةً، فالحلقات الأخرى غنيّة بالمعاني، ومفعمة بالمشاعر، وملهمة كما يقول التعبير الإنكليزي.
ذكرتْ فاطمة بليك أنها قصدت اليمن لتعلّم العربية، وكانت تستعجل تعلّم الصلاة، ولم يكن أحد ممن حولها من المسلمين يعرفون الصلاة، حتى دعتْ ربها وهداها، فوقع لها ما يشبه الكرامة.
وقد تعرضتْ السيدة اليمنية توكل كرمان لحرب على وسائل التواصل من ذباب ثلاث دول عربية وجرادها ودبابيرها، وقد تحاذت الركب، يقودهم الحميت الدسم الأحمق تركي آل الشيخ. والذباب يرفضون عضويتها في مجلس يضم تسعة عشر عضواً في قيادة جمهورية فيسبوك الزرقاء.
وكانت سيلفا رومانو قد أسلمت لسبب لا نعرفه تمام المعرفة، وليس مثل سبب إيمان الملكة بلقيس اليمنية، التي أسلمت لله رب العالمين على يد النبي سليمان عليه الصلاة والسلام. وقد آتاه الله ما لم يؤتِ أحد من العالمين، فلم يُحضر العفاريت من الجن عرش سيلفا رومانو، ولم تر الصرح الممرد من قوارير، فهي متطوعة إنسانية، وليست ملكة. ولا أعرف سبب شيوع عبارة "أسلم على يد فلان" وليس أسلم بفضل فلان، مثلاً؟
وفي الوقت الذي تعمل الفضائيات العربية بجدّ وأب وأم وخال وعمّ على التطبيع، ومحاولة قتل الإمام البخاري ومطاردة ابن تيمية إيذاناً بحرقه، أسلمت الشابة الإيطالية سيلفا رومانو، التي سُجنت في الصومال وسمعت الأذان، ولا نعرف شيئاً عن سبب إسلامها، فلم تُجرَ معها مقابلات أو حوارات. وعلمنا أن اسمها الجديد هو اسم أم المؤمنين عائشة، ليس نكاية بإيران، فأغلب الظن أنها لا تعرف شيئاً كثيراً عن الخلاف بين السنّة والشيعة.
واسم عائشة اسم جميل. ولأم المؤمنين ألقاب، مثل الحميراء، وهي أحبّ نساء النبي عليه الصلاة والسلام إليه. وأذكر جملة لعمرو خالد (في أيام الزمن الجميل) وهي أن أجمل قصص الحب هي قصة حب الرسول عليه الصلاة والسلام لخديجة، وقصة حبه لعائشة ليست أقل جمالاً..
وقد أسلمت عائشة رومانو في الأسر، ويظن كثيرون أنها أسلمت بصوت الأذان، وكان هو سبب إسلام فاطمة بليك، عندما سمعت الأذان في فيلم الرسالة، وقالت: إذا كانت الدعوة للصلاة بهذا الجمال، فكيف تكون صلاة المسلمين. ولم تسمع فاطمة بليك مؤذن حارتنا، فلو سمعته لولّت منه فرارا ولملئت منه رعبا. وهناك آخرون أسلموا بالأذان، مثل النجم الأمريكي ليام نيسون، وروى النجم شون بين كيف ألِفَ الأذان في إسطنبول وأحبه. ويمكن أن أذكر أسماء كثيرة أعجبهم الأذان، مثل مورغان فريمان وكيت همبل وآخرين.
تجربة سيلفا تذكّر بتجربة الصحفية البريطانية إيفون ريدلي، التي دخلت إلى أفغانستان خلسة من غير إذن أو رخصة، فاعتقلتها طالبان بتهمة الدخول غير القانوني، ومكثت في الاعتقال أحد عشر يوماً، وهي تظن أن المعتقِلين الذين شرّرهم إعلام جورج بوش، وإعلام توني بلير، والغرب عموماً، سيذبحونها، فكانت تشتمهم وتبصق عليهم وهي موقنة بذبحها، فكانوا يغضّون أبصارهم ويدعونها إلى الإسلام. ثم إنهم يا سادة يا كرام أطلقوا سراحها، فعادت إلى بلدها وقرأت القرآن بترجمة يوسف علي، وأسلمت لله رب العالمين، بعد أربع سنوات، من غير أن ترى صرحا ممردا من قوارير. وذكرت قصة تحولها، أو عودتها، كما تفضّل فاطمة بليك تسمية اعتناقها الإسلام، فالإسلام دين الفطرة. ولبسّام جرّار تفسير جديد في الصرح الممرد، غير الشائع في تفاسير القرآن الكريم، هو أن الصرح محطة فضائية، وأنا أميل إلى تفسيره.
أسلمت إيفون ريدلي بسبب أخلاق طالبان، الذين شاع وصفهم بالتخلف والقسوة، وتورا بورا، من قبل الذباب البشري غير الإلكتروني، الذين يرتدون البنطلونات، ويرفضون تولّي توكل كرمان عضوية مجلس فيسبوك، لأنها محجبة و"إخوان مسلمين".
والقصص كثيرة في إسلام المسلمين الغربيين، وكلها عجيبة. فقد أسلمت ماري بو معروف، لأنها علمت من زوجها المسلم أن الإسلام يغفر الذنوب جميعاً من غير وسيط، فالإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم. ومن هذه الرحلات رحلة قصة تيدي هولدبروكس الملحد الذي أسلم على يد ضحيته المعتقل رقم 590، وهو مغربي اسمه أحمد الراشدي، وعرفنا القصة من الإعلام الأمريكي.
ويمكن أن نتذكر الفيلم المصري "الحدق يفهم"، مثّلَ بطولته محمود عبد العزيز، ومن تأليف فاروق سعيد، وإخراج أحمد فؤاد. نقتبس ملخصه من موسوعة الفن: يذهب الشيخ عاشور إمام مسجد عزبة كفر النور التي أصابها السيل إلى عزبة كفر مازن المجاورة لجمع التبرعات، فيعترضه جابر قاطع الطريق ويستولي على ملابسه، وهويته، ويذهب منتحلاً شخصيته للاستيلاء على المساعدات. ينخدع أهل القرية فيه، ويعتقدون أنه صاحب كرامات بإصلاحه المولد الكهربائي بلمسه، ومساعدة ورد الغازية على التوبة. يقوم شقيق ورد بإطلاق النار عليها، فيعالج جابر الرصاصة بطريقة بدائية، مما يجعل طبيب الوحدة الصحيّة يشك في أنه من المطاريد، ويطلب من العمدة أن يجعل جابر يخطب في صلاة الجمعة ليكشفه. يُشتبه في اقتباس الفيلم من فيلم أمريكي اسمه مدافع سان سباستيان، لكن هناك قصة من رقائق الطرائف يحسن ذكرها هنا تقول:
أنَّ لصًّاً دخَل بيت مالك بن دينار، فما وجَد شيئاً، فجاء ليخرجَ، فناداه مالك: سلام عليكم، فقال: وعليكم السلام، قال: ما حصَل لكم شيء من الدنيا، فترغَب في شيءٍ من الآخرة، قال: نعم، قال: توضَّأ من هذا المِرْكَن وصَلِّ ركعتين، واستغفرِ الله، ففعَل، ثم قال: يا سيِّدي، أجْلس إلى الصبح؟ قال: فلمَّا خرَج مالك إلى المسجد، قال أصحابه: مَن هذا معك؟ قال: جاء يَسْرقنا فسرقناه.
أذكر تغريدة مختلفة، معارضة أيضاً لتولي توكل كرمان عرش عضوية الإشراف على منشورات فيسبوك، من البلبل اليساري السابق صبحي حديدي ينطق فيها بهذه الجوهرة: لستُ من جماعة فيسبوك، وبالتالي لن تجد توكل كرمان فرصة لأي "إشراف" على منشوراتي. شخصياً أعارض تسميتها في موقع كهذا، لأسباب شتى بعضها جوهري؛ لكني في المقابل، ألحظ أن كُثراً من مناهضي تعيينها لا يبصرون حقوق الإنسان العربي إلا بأعين حولاء أو زائغة أو حتى مطمّشة، هنا جوهر، أيضاً!
سنترك أبا الجواهر، ونعود إلى غضب رفاق السلاح، والليالي الملاح، على توكل كرمان، وهي واحدة من عشرين عضواً، وسيصيرون أربعين، وهم غاضبون لأنهم خائفون على حرية التعبير في الفضاء الافتراضي، وسعداء بحريته في الواقع الحقيقي، وأخشى أن أجد هؤلاء الذين رفضوها، سيقفون يوماً، إذا تحاذت الركب، مع ابن سلمان وحفتر والسيسي والأسد، فعدوهم واحد، مع أن مقولة عدو عدوي صديقي ليست صحيحة مطلقا، لكنها كذلك، فالصراعات الكونية والوجودية تنتهي في طريقين لا ثالث لهما: إما شاكرا وإما كفورا.