هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد موظفون بالحكومة المصرية أن الأسابيع الماضية شهدت إجراءات تعسفية تجاه العاملين بالقطاع الحكومي، لإنهاء خدماتهم في حال ارتكابهم أي مخالفات إدارية كالتغيب دون إذن، أو الاعتراض على الإدارة أو التعرض لمشاكل صحية.
وحسب شهادة القيادي العمالي والموظف بأحد الهيئات
الحكومية منير إسماعيل لـ"عربي21"، فإنهم "يتعرضون للتطفيش من قبل
إدارة المؤسسة التي يعملون بها، وعندما اعترضوا على هذا الأسلوب، أخبرهم أحد
المسئولين أن الدولة تريد تخفيض عدد العاملين والموظفين بالدولة للربع".
ويضيف إسماعيل أن "أحد زملائه تعرض لأزمة صحية
كانت تستوجب منحه إجازة براتب كامل، إلا أنه فوجئ بتحويله للجنة ثلاثية وخيروه إما
أن يتحمل هو العلاج علي نفقته، أو إنهاء خدمته بنظام المعاش المبكر ويتم علاجه ضمن
مشروع التأمين الصحي لأصحاب المعاشات.
ويؤكد إسماعيل أنها "ليست الحالة الوحيدة، حيث
فوجئوا بمنشور إداري يحذر العاملين بالفصل المباشر إذا نظموا مظاهرات أو شاركوا في
مناقشات من شأنها الإضرار بالصالح العام، وطبقا للمنشور فإن الذي يحدد (الصالح
العام) هو المدير الإداري للمؤسسة مع مسؤولي الأمن".
ويشير إسماعيل الذي تم منعه من المنافسة في
الانتخابات العمالية التي جرت الأسبوع الماضي، أن المسؤولين أخبروه صراحة أنه تم
شطب اسمه من قوائم المرشحين، لأن المرحلة المقبلة تتطلب دعم خطوات الحكومة في
تقليص العمالة الحكومية استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، وأن الأوامر التي صدرت
لهم هي عدم السماح للمشاغبين بالفوز في الانتخابات العمالية.
اقرأ أيضا: مصر تبدأ سلسلة جديدة من خفض الدعم برفع سعر مياه الشرب
ما أشار إليه القيادي العمالي تؤكده تصريحات الحكومة
التي بدأت بتهيئة الرأي العام لتنفيذ خطتها في تقليص موظفيها، حيث أكدت وزيرة
التخطيط القومي هالة السعيد لأعضاء البرلمان المصري قبل أيام أن الجهاز الإداري
يضم موظفا لكل 22 مواطنا، والمستهدف هو الوصول إلى موظف لكل 80 مواطنا في إطار خطة
الحكومة لتخفيض عجز الموازنة.
وطبقا لأرقام الوزيرة المصرية، فقد أكد خبراء النظم
الإدارية أن الحكومة بذلك تستهدف الاستغناء عن 75 بالمئة من موظفيها، وهو نفس ما
أكده رئيس البرلمان علي عبد العال الذي دعا الحكومة لتقليص عدد موظفيها، البالغ
عددهم 5 ملايين موظف، منهم خمسة آلاف بالبرلمان وحده.
ويضيف القيادي العمالي وعضو لجنة القوي العاملة بالبرلمان
المصري سابقا طارق المرسي لـ"عربي21" أن حكومة عبد الفتاح السيسي بدأت
في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي التي ألزمت مصر بعلاج عجز الموازنة، وحددت لذلك
عدة خطوات منها إلغاء الدعم على المحروقات والكهرباء وتقليص الدعم العيني، وخفض
فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى 7.5 بالمئة من الموازنة، بينما تبلغ حاليا 27
بالمئة من الموازنة العامة.
ويؤكد المرسي أن ما حدث بالانتخابات العمالية التي
جرت قبل أيام يشير إلى أنها جزء من خطة الحكومة للقضاء على موظفيها، خاصة أن
الانتخابات شهدت إقصاء كل المدافعين عن حقوق العمال، إما بالشطب أو المنع أو
الاعتقال أو التزوير، ورصدت المنظمات المعنية بحقوق العمال في تقاريرها عن
الانتخابات، وهو ما يعني أن الحكومة تريد نقابات عمالية لا تثير المشاكل في حال
بدأت خطتها في تسريح موظفيها.
ويشير المرسي إلى أن سياسة الحكومة في طرح ما تبقى من شركات قطاع الأعمال العام والقطاع العام في البورصة، ثم طرحها للبيع بحجة أنها
تمثل عبئا علي الدولة لخسائرها المتواصلة، يؤكد أن مذبحة العمال أصبحت في مقدمة
خطة الحكومة التي يجب عليها التخلص من أكثر من مليوني موظف كدفعة أولى قبل نهاية
العام، وهو الموعد المقرر لمراجعة خطوات الإصلاح التي يتابعها صندوق النقد الدولي
مع الحكومة المصرية.
اقرأ أيضا: حبس لبنانية على ذمة التحقيق بمصر بتهمة الإساءة للمواطنين
ويضيف خبير النظم الإدارية سعيد عبد السلام لـ"عربي21"
أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أشار في تقاريره الدورية أن عدد
العاملين بالدولة وصل بموازنة 2016/ 2017 إلى خمسة ملايين موظف، بأقل 800 ألف موظف عن
نفس الموازنة في العام الذي سبقه، وهو ما يعني أن الحكومة بدأت بتقليص موظفي الجهاز
الإداري بالفعل حتي قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ويرى عبد السلام أن الحكومات السابقة توسعت في
الهيكل الحكومي بشكل كبير ما نتج عنه بطالة مقنعة زادت من أعباء الموازنة، ولكن
الحل ليس في تقليص هذا الهيكل بمذبحة وإنما من أجل إيجاد بدائل لهم في القطاعات
الاقتصادية المتعددة، والاستفادة منهم في المشروعات الجديدة التي من المفترض أن
الحكومة تنفذها طبقا للخطط المتوسطة والبعيدة، حتى لا يتحولوا من بطالة مقنعة إلى بطالة دائمة وصريحة.
وينوه عبد السلام إلى أن الموظف الحكومي هو الحلقة
الأضعف بالمنظومة الاقتصادية، والتخلص منه يوفر للحكومة ما لا يقل عن ثلث الموازنة،
وبالتالي فالحكومة سوف تمضي في خطتها بالترهيب والترغيب، معتمدة على القبضة
الأمنية التي تفرضها على الشعب المصري.