هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثناء إعلان إستراتيجية إدارته للأمن القومي للولايات المتحدة، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين، "البلدان الثرية" بأن تسدد لواشنطن تكلفة الدفاع عنها.
وقال ترامب إن الإستراتيجية الأمنية تعمل على منع ما دعاه بـ"الفكر المتطرف" من الوصول إلى أمريكا وأن إدارته "ستعمل على ذلك من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل".
وضوح وقح
محللون أكدوا أن تلك الكلمات تعد ابتزازا صريحا لدول الخليج العربي، وتؤكد أن ترامب يلعب على استمرار الحرب في المنطقة والتصعيد بين الخليج وإيران لدعم اقتصاد بلاده وتجارة السلاح، واستخدامه ملف الإرهاب لصناعة فزاعة لدى شعبه ودول العالم والسيطرة على المنطقة العربية.
وبينهم المحلل السياسي اللبناني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، نضال السبع، الذي قال إن "من يتمعن بهذا الحديث يدرك أن سيد البيت الأبيض لا يريد إنهاء الحرب (اليمنية السعودية)، بل إنه يبحث عن إشعال عود ثقاب للحرب (الإيرانية السعودية)؛ حتى يتمكن من نهب ثروات الخليج"، مضيفا "الرجل واضح ووقح".
السبع، أضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك"، "طالما استمرت الحرب اليمنية والصراع السعودي الإيراني، سوف يستمر الابتزاز الأمريكي لدول الخليج"، مشيرا إلى أن "الحوار السعودي الإيراني، وجهود موسكو السلمية لإنهاء الحرب اليمنية هي الأمل الوحيد بإخراج الخليج من دائرة الابتزاز الأمريكي الذي يمارسه ترامب".
ترامب تاريخ في الابتزاز
وليست كلمات ترامب تلك هي الأولى في ابتزاز الخليج حيث أنه وإثر زيارة ترامب، للسعودية في أيار/ مايو الماضي، وقع والملك سلمان بن عبد العزيز، صفقات أسلحة ضخمة وتعاون عسكرى بنحو 460 مليار دولار، وعقدت شركات أمريكية سلسلة صفقات بمليارات الدولارات مع الرياض، بجانب صفقات سلاح مليارية مع دول الخليج الأخرى كالإمارات والكويت والبحرين وقطر.
وعقب عودته لأمريكا تفاخر ترامب بصفقاته مع الخليج، وقال على صفحته بتويتر، "أعدت مئات المليارات للولايات المتحدة من الشرق الأوسط مما يعني المزيد والمزيد من فرص العمل".
وأثناء حملته الانتخابية في آب/ أغسطس 2016، هاجم ترامب دول الخليج واتهمها بأنها لا تملك إلا المال وأنه لا وجود لها بدون أمريكا، وقال من أجل إقامة منطقة عازلة في سوريا سأجعلهم يدفعون الأموال فلدينا دين عام يبلغ 19 تريلون دولار.
وفي حوار يعود لعام 1988، مع المذيعة أوبرا وينفري، قال ترامب إن بلاده ستحصل على الكثير من أموال الخليج، مضيفا أن أفقر شخص بالكويت يعيش حياة الملوك، ومع ذلك فهم لا يدفعون، ونحن نسهل بيع بترولهم، وتساءل: "لماذا لا يدفعون لنا 25 بالمائة من دخلهم".
وفي ظل الطمع الأمريكي بأموال الخليج، تعاني بعض دوله من عجز في موازناتها وتفرض إجراءات تقشف حكومي وقررت تخفيض الدعم على الوقود وفرض الضرائب لأول مرة؛ وذلك على خلفية تراجع أسعار النفط، فيما توقعت السعودية، الثلاثاء، عجزا بقيمة 52 مليار دولار بموازنة 2018، وذلك للعام الخامس على التوالي.
راعي بقر مرابي وسارق
وفي تعليقه على تصريح ترامب، أكد الباحث السياسي المصري عبدالله النجار، أن "مطالبة الرئيس الأمريكي بسداد تكاليف الدفاع عن دول الخليج؛ ليس بجديد عليه"، مشيرا إلى أن "هذا كان أحد وعوده الانتخابية ويبدو أنه ملتزم بكل وعوده المتعلقة بالمسلمين"، موضحا أنه "يتصرف كراعي بقر مرابي وسارق للأبقار مستغلا قوته، وللأسف ستدفع تلك الأنظمة له أكثر مما يريد".
وقال النجار لـ"عربي21"، "سواء استمرت حرب اليمن أم انتهت فأمريكا تضمن حماية جميع نظم الحكم الخليجية؛ لأنها تمثل وكيل لها في تنفيذ سياساتها بالشرق الأوسط"، مضيفا أن "نظم الحكم الخليجية ستظل بحاجة للحماية الأمريكية سواء من جيرانها أو من شعوبها".
وأشار النجار إلى أزمة الخليج وأنه "لولا وجود قاعدة "العيديد" الأمريكية في قطر لاجتاحت الرياض الدوحة من أول يوم في الأزمة منتصف العام الجاري".
وأكد أنه "من الناحية الإستراتيجية فإن الوجود العسكري الأمريكي بالخليج ليس لحماية هذه النظم؛ وإنما لحماية المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، وهي: حماية منابع النفط، وطرق نقله البحرية، وضمان أمن إسرائيل".
وأوضح النجار، أن "التواجد العسكري الأمريكي بالخليج سيظل رغم تناقص الإعتماد الأمريكي على بترول الخليج؛ لأن القوى الصاعدة الكبرى بآسيا كالهند والصين تعتمد كليا على هذا البترول، ووجود القوات الأمريكية بالمنطقة يضمن لواشنطن وسائل ضغط قد تحتاجها وخاصة بعد إعلان ترامب الصين وروسيا منافسين لبلاده".
وأضاف الباحث المصري، أنه "مع عودة روسيا بقوة للساحة الشرق أوسطية من الأهمية بمكان لأمريكا عدم وجود موطئ قدم لها بالخليج؛ فمن ناحية وجود القوات الأمريكية ليس للدفاع ولا لحماية دول الخليج الثرية بل لحماية أمنها ومصالحها؛ ولكن لا بأس من تحصيل تكاليف تلك القوات من دول الخليج الثرية وأخذ الوفرة الدولارية عندها وإعادتها لواشنطن".
مؤشر لتعامل أمريكي جديد
وأكد الباحث السياسي العراقي، محمد الخاقاني، أن دعوة ترامب (البلدان الثرية) بأن تسدد لواشنطن تكلفة الدفاع عنها؛ تعد مؤشرا لتعامل أمريكي جديد مع ما يطرأ في المنطقة من تطورات لاسيما في تهديدات تعتبرها الولايات المتحدة جدية".
وأضاف الخاقاني لـ"عربي21"، أن تلك التهديدات يراها بالخصوص من جانب إيران التي اعتبرها ترامب مصدر القلق وعامل زعزعة الاستقرار في المنطقة"، موضحا أنه "لابد من سوق رائجة لتصريف السلاح الأمريكي بتضخيم الخطر الإيراني والتدخلات المستمرة في الملفات العربية التي تعتبرها الولايات المتحدة ومن وراءها دول الخليج ولاسيما السعودية خطرا كبيرا".
وأشار الخاقاني إلى "تنامي الشعور بالتصادم الوشيك بين السعودية وإيران في مناطق النفوذ لكلا الطرفين، إذ يظهر ذلك بشكل جلي في اليمن ولبنان وغيرها من مناطق التوتر"، موضحا أنه "ولذلك تستغل واشنطن تلك النزاعات لتصريف السلاح المنتج لديها لأطراف الأزمات بحجة منع تهديد السلم والأمن".