هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "جورنال دي فام" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن مدى إمكانية العثور على الشريك المناسب؛ من خلال استخدام مجموعة من الخوارزميات والبرمجيات.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن برنامج "زواج من النظرة الأولى"، الذي يعرض على قناة "أم 6"، قام بإخضاع مجموعة من الفتيات والشباب الراغبين في الزواج لعدد من التجارب والاختبارات، في سبيل العثور على شريك بنسبة توافق تتجاوز 70 بالمئة. وفي حال وجود تطابق بين اثنين من المشاركين، تنطلق التجهيزات لمراسم الزفاف، علما أن الطرفين لا يلتقيان قبل اليوم المحدد لعقد الزواج. وقد برر الخبراء هذا الأمر بأن الشكل الخارجي قد يؤثر على طبيعة العلاقة، في حين أن هدف البرنامج بناء علاقة طويلة الأمد مبنية بالأساس على التناسب والتوافق.
وتطرقت الصحيفة إلى رأي المختصة في علم النفس الاجتماعي، باتريسيا ديلاي، وصاحبة كتاب "كيف نؤثث للقاء جيد؟"، التي أوضحت أن "النقاط المشتركة من شأنها أن تسهل عملية الترابط بين شخصين، في حين أن أوجه الاختلاف قد تؤثر بشكل عميق على علاقتهما، أحيانا. على العموم، قد يضمن التشابه إمكانية التفاعل مع الطرف الآخر، لكن وجود صفة مشتركة لا يعني بالضرورة التوافق مع الشريك".
وأضافت ديلاي أنه "بعيدا عن نظرية التوافق التي تتبادر من خلال الاختبارات والحسابات، لا يستطيع العلم رصد اللاوعي، أو التنبؤ بردود فعله. ففي بعض الأحيان، قد نجد أنفسنا منجذبين لشخص ما دون وجود سبب واضح لذلك، فالانجذاب ليس له تفسير علمي. وبالتالي، لا يمكن برمجة حجم التجاذبات بين شخصين عن طريق خوارزمية.
ما لا شك فيه، أن مثل هذه التجارب قد تتيح لنا فرصة التعرف على شخص والتعلق به بشدة، لكن الحب في معناه الحقيقي، الذي يدوم عمرا كاملا، يظل غامضا، ولا يمكن التحكم به".
وأوردت الصحيفة وجهة نظر الأخصائي في علم النفس وعلم الجنس، أنطوان سباث، صاحب كتاب "تجاوز فخاخ المراوغين والنرجسيين بذكاء"، الذي أفاد بأن "فكرة البرنامج تسلط الضوء على آفة الانفصال التي يشكو منها الكثيرون، لكن العلم وحده قد يعجز عن إصلاح ذلك. في الواقع، يبدو لي الاعتماد فقط على أسس علمية لضمان نجاح العلاقة أمرا مبالغا فيه. بالإضافة إلى ذلك، الزواج لا يضمن بالضرورة استمرار العلاقة ودوامها".
وأضاف سباث أن "فرض الارتباط بين شخصين، وفقا لمعايير شبه علمية، يقصي البعد الأساسي للعلاقة، ألا وهو الرغبة، ما يحول سحر اللقاء إلى مجرد علاقة خوارزمية باردة وعقلانية. من جهة أخرى، لا يمكن التنبؤ بعمق الانسجام بين الشخصين حتى لو كان موجودا نسبيا بينهما. في الحقيقة، أهملت هذه التجربة أمرا غاية في الأهمية، ألا وهو أن الحب حالة متغيرة ومتقلبة".
ونقلت الصحيفة على لسان أخصائي علم النفس السريري، إيف-ألكسندر تالمان، أن "الكثير من الأشخاص يعتقدون أن الحب يعد رهينة العثور على الشخص المناسب، أي الذي نتوافق معه إلى درجة ما. وترتكز معظم مواقع التعارف على هذا المبدأ، حيث يتم البحث من خلالها عن الشريك الملائم، بالاعتماد على الحدس أو الخوارزميات. وعلى الرغم من أننا قد نشعر بالانجذاب تجاه الأشخاص الذين يشبهوننا، لكن هذا الأمر لا يضمن بأي حال من الأحوال استمرار العلاقة. وبالتالي، يصبح من الخطأ التعامل مع النفس البشرية على أنها كيان بلا روح".
وأضاف تالمان أن "باستطاعة العلم أن يسلط الضوء على الأسباب الكامنة وراء انجذاب أي ثنائي إلى بعضهما البعض في البداية، لكنه يعجز عن التنبؤ ما إذا كانا سيمثلان شريكين سعيدين. بناء على ذلك، لا يمكن اختيار شريك كأننا نختار سيارة استنادا إلى خصائص معينة".
وأوضحت الصحيفة، وفقا لستيفان مايلارد، الرئيس التنفيذي لشبكة وكالات الزواج في فرنسا والخارج، أنه "من المستبعد جدا أن يعجب الطرفين ببعضهما البعض منذ اللقاء الأول. في الحقيقة، في مؤسستنا، نقوم بإخضاع المشاركين الباحثين عن الحب لعدة اختبارات، لكن الأهم يتمثل في ردود فعلهم التي يصرحون بها بعد أول لقاء لهم بالطرف المقابل. وكلما تعددت اللقاءات، ساعدنا ذلك على حصر مجال البحث عن الشريك المناسب. من هذا المنطلق، من غير الممكن حوسبة اللقاءات، حيث لا يمكننا تحديد الشخص المثالي حسابيا، وإنما يمكننا المساعدة في البحث عنه".
وأوردت الصحيفة على لسان الخبير في الطب الجنسي، داميان ماسكريه، أنه "من المهم تحديد أوجه التوافق بين شخصين قبل أن يلتقيا بالصدفة. فعن طريق البيانات واللقاءات، يمكن أن نستخلص نقاط القوة والصفات السلبية التي من المرجح أن تساهم إما في جذب الشخص إلى الآخر أو نفوره منه".
وأضاف ماسكريه، قائلا: "يبقى الاختبار الحقيقي لمصير العلاقة إثر اللقاء المباشر. وبصفة أوضح، حجم "الكيمياء" بين الشخصين المرتكزة على التجاذب الجسدي (المادي) والتوافق الجنسي".
وفي الختام، أفادت الصحيفة وفقا للخبير في الطب الجنسي، داميان ماسكريه، بأن الانسجام الحسي بين الطرفين مهم للغاية. وفي الأثناء، تلعب حاسة الشم دورا رئيسيا في توطيد العلاقة بين الشريكين، حيث ليس من السهل بناء علاقة طويلة الأمد مع شخص لا تعجبك رائحته. من هذا المنطلق، لا يمكن أن يحدد العلم هذه الجوانب في العلاقة، وبالتالي لن يستطيع ضمان إيجاد المرء للحبيب.