هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في سلسلة قرارات مفاجئة على صعيد المؤسسة العسكرية والأمنية في مصر، حملت العديد من الدلالات والتساؤلات، قرر زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الإطاحة بصهره الفريق محمود حجازي من رئاسة أركان القوات المسلحة، وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، وهو منصب مستحدث اليوم، خاصة أنه جاء في نظام يقوم على الولاءات وليس الكفاءات، وفق مراقبين ومحللين.
وقرر السيسي تعيين الفريق محمد فريد حجازي رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة، وترقيته إلى رتبة الفريق، بعد أن كان يشغل منصب مساعد وزير الدفاع، والأمين العام الأسبق لوزارة الدفاع.
كما أجرت وزارة الداخلية المصرية حركة تغييرات محدودة، شملت رئيس قطاع الأمن الوطني (جهاز أمن الدولة سابقا)، ومساعد الوزير لقطاع أمن الجيزة. وشملت التغييرات أيضا مدير إدارة الأمن الوطني في الجيزة، ومدير إدارة العمليات الخاصة بالأمن المركزي.
رسالة السيسي للجيش
وفي محاولة لاستجلاء أسباب تلك الإقالات غير المعتادة في صفوف كبار الجيش والشرطة، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد صفوت الزيات، لـ"عربي21"، إن "قرار السيسي الاستغناء عن حجازي يحمل رسالة واضحة".
وأضاف أن "مضمون هذه الرسالة أنه لا أحد في مأمن"، مشيرا إلى أن "الحدث كبير، وتفاصيله غائبة وعميقه لم نسبر أغوارها حتى الآن، ولا بد أن حيثياته كانت عميقة وحادة حتى يتم إعفاء شخص في حجم حجازي، لا بما تتعلق بثغرات وأخطاء وإحداث ضرر في مفاصل الدولة المصرية، وشملت مسؤولية مشتركة بين الدفاع والأمن الداخلي".
ورأى أن إقالة رئيس الإركان "ربما كانت قد تقرأ في سياق آخر لو أنه لم يصاحبها حركة التغييرات الكبيرة في جهاز الشرطة، وإقالة قيادات كبيرة، في مقدمتها رئيس جهاز الأمن الوطني، ومديري الأمن الوطني والأمن في الجيزة".
وأكد أن "القرار مفاجئ بحجم شخصية محمود حجازي، وبحكم قربه من السيسي، وهو من أكثر الناس التزاما في المنظومة العسكرية في مصر، وهو هادئ ومنضبط ومرتب الأفكار، ولا مخاوف من أي شكوك في ولائه، ومنصبه يؤهله في الغالب لمنصب وزير الدفاع، وليس مستشارا لرئيس الجمهورية".
اقرأ أيضا: السيسي يطيح بصهره من رئاسة أركان القوات المسلحة
معاقبة الجيش والشرطة
فيما أعرب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق، رضا فهمي، عن اعتقاده بأن "قرار عزل حجازاي يأتي في سياق محاولة ترميم العلاقة بين الجيش والشرطة على خلفية الأحداث التي وقعت في منطقة الواحات التابعة للجيزة".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "جهاز الشرطة يُحمِّل جزءا كبيرا من المسؤولية للمؤسسة العسكرية؛ باعتبار أن هذه العملية في عمق الجبل، وكانت تحتاج لتحضيرات وتجهيزات يقوم بها الجيش، وعدم ترك الشرطة تواجه مصيرها المجهول".
وأضاف: "من خلال متابعة صفحات ضباط وأمناء الشرطة على الفيسبوك في التعقيب على حادث الواحات، هناك شعور عام بأن الجيش نأى بنفسه عن المواجهة عن الجماعات المسلحة، وترك الشرطة تلقى مصيرها".
وأكد "فهمي" أنه "بالنظر لقرار الإقالة إلى جانب إقالات الشرطة، نستطيع قراءة المشهد، إذ يبدو الأمر مرتبطا بقوة بعملية الواحات؛ باعتبارها أساءت لصورة الجيش والشرطة معا، وأظهرت أنهما غير قادرين على ضبط الأمن في مصر. بالتالي كان قرار السيسي نوع من العقاب في تقصير المؤسسة العسكرية في هذه العملية".
سيناريوهات مختلفة
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية، بدر شافعي، إن "القرار قد يكون مفاجئا فيما يتعلق ببعده الخاص بالجيش، أما بالنسبة للشرطة فغير كذلك؛ باعتبار أنها جاءت بعد حادث الواحات البحرية، وثبت فشل أجهزة أمنية، كالأمن المركزي، أو الأمن الوطني، أو العمليات الخاصة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "موضوع الإقالة له أكثر من مبرر، ولا يوجد لدى أحد معلومات كافية، ولكن يمكن لنا أن نلاحظ أنه جاء بعد لقاء رئيس الإركان مع نظيره الإسرائيلي، ربما حدث بينهما شيء ما، وقيل إنه جاء على خلفية تباين في وجهات النظر بشأن ترشح السيسي لفترة ثانية".
ولكنه نفى في الوقت نفسه أن يكون قرار الإطاحة "جاء على خلفية وجود صراع أجنحة في المؤسسة العسكرية، بقدر ما هو في سياق الحاجة لتبديل الولاءات، كما تفعل النظم المستبدة؛ بدليل أنه رئيس الأركان الجديد (محمد فريد حجازي) شخص لا يقل حدة في تأييده للانقلاب".
وتابع: "كما يعلم الجميع، تم تعيينه من قبل طنطاوي (رئيس المجلس العسكري إبان ثورة 25 يناير) رئيسا للحرس الجمهوري، وهذا الرجل شهد على الرئيس مرسي في قضية التخابر الملفقة له، وهو من كبار رجال المجلس العسكري، وهو من كبار القادة الذين يعتمد عليهم السيسي".